1.ذكر تصريف الأحوال

اللهم صلي علي محمد و آل محمد صلاة تنجنا بها من جميع الأهوال والآفات وتقضي لنا بها جميع الحاجات/واتلو: وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا 11 مرة والاستغفار 7 مرات يعد صلاة العشاء

Translate

Translate

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 19 فبراير 2024

رسائل الكندي الفلسفية المؤلف يعقوب بن إسحاق الكندي



💥💥💥

رسائل الكندي الفلسفية المؤلف يعقوب بن 

إسحاق الكندي 

1.أعانك الله على درك الحق، ووفقك لسبيله !

فهمتُ ما سألتَ من رسم قول خبري في أن الجواهر أجسام ؛ و هذا إنما يصحُّ بعد علم الطبيعيات ، لتكون الأوائلُ المنطقية المستعملة في الأشياء الطبيعية ظاهرة عند الباحث لذلك ؛ و قد رسمتُ من ذلك حسب ما رأيته لك كافيا، على رسم مسألتك أن نرسم لك من ذلك ؛ إذ كان يحتاجُ إلى قولٍ كثيرِ جُملٍ تقع كالأسس، لحاجتها إلى كثرة القول المبين لها ، لسوْقِكَ إلى منار الطريق إلى ما سألتَ و بالله التوفيق.

الدليل أن جوهراً لا جسمَ له يكون في أجزاء العالم الطبيعي ، بعد أن نثبت مائية الجسم الذي هو أنه العِظَم الآخذ الأقدار الثلاثة ، أعني الطول و العرض و العمق ؛ و بعد أن نعلم لواحقَ الجوهر المميزةَ له من غيره ، التي هي أنه القائمُ بذاته ، الذي لا يحتاج في ثباته إلى غيره ، الحامل للاختلاف ، و هو هو في عينه لم يتبدَّلْ ، المنعوتُ من جميع المقولات ؛ أو أنه إمَّا نعتاً متواطئاً و إمَّا نعتاً مُتشابهاً: أمَّا النعت المتواطئ فنعتُ الناعتِ الذي يُعطي منعوتَه اسمَه وحدَّه معا ؛ و أما النعت المتشابه فنعت الناعت الذي لا يُعطي منعوتَه اسمه و لا حدَّه ؛ و إنْ أعطاه الاسم ، فإنما يعطيه باشتقاق ، لا على صحة الاسم ، و إن أوائله لا تنعت شيئاً منه ؛ فإن هذه إن كانت معلومةً مقراًّ بها وجد جوهر لا جسم.

لأن الجسام الحية لا تخلو من أن تكون حياتها تكون ذاتية فيها أو عرضية من غيرها ، أعني بالذاتي في الشيء ، الذي إن فارق الشيءَ فسد ، و العرضية هي التي يمكن أن تفارق ما هي فيه و لا يفسد ، فإنْ كانت الحياةُ ذاتية في الحي ، فإنها إذا فارقت الحيَّ فسد الحيُّ ، و كذلك نجد الأحياءَ إذا فارقتهم الحياة فسدوا. فأمَّا الجسم الذي نجده حياًّ و لا نجده حياًّ ، وهو هو جسم، فقد فارقتْهُ الحياةُ، و لم تفسد جسميّته ؛ فتبيّن إذن أن الحياةَ في الجسم عرضٌ من غيره ؛ والذي نسمي به مائيةَ الحياة في الجسم نفسٌ ؛ فينبغي أن نبحث عن النفس : أجوهرٌ هو أم عرض ؟

فإن كانت جوهراً : جسمٌ هي أم لا جسم ؟ فنقول : إن الأشياء إنما تختلف إما في أعيانها، وإما في أسمائها؛ فالشيئان اللذان حدُّ أعيانهما واحدٌ ، و يُسمَّيان باسم واحد ، لم يختلفا بالاسم و لا بأعيانهما؛ إذْ لم في حدّ الأعيان ؛ و الأشياء التي لم تختلف في أعيانها طبيعتُها واحدةٌ؛

فالشيء الواصف للشيء بإعطائه اسمَه و حدَّهُ ؛ هو من طبيعة موصوفة ؛ فإن كان موصوفه جوهراً ، فهو جوهر ؛ و إن كان موصوفه عَرضاً ، فهو عرضٌ ؛ و الذي لا يصِفُ موصوفَه باسمه وحدِّه ، ليس طبيعته طبيعةَ موصوفة ؛ و ما طبيعته ليست طبيعة موصوفة هو ، فهو غريبٌ في موصوفه ؛ فالغريب في موصوفه هو الذي نسميه عرضاَ في موصوفه ، لأنه ليس من ذاته ، بل عرض فيه ؛

و الشيء الذي به الشيء هو ما هو ، هو صورة الشيء ، حسِّياً كان أو عقلياً ؛ و الجوهر ماهو بالنفس ؛ فالنفس إذَنْ صورة الحي العقلية ، فهي نوعه ؛ فالحيُّ جوهرٌ ، و نوع الجوهرِ جوهرٌ ؛

فإذاً النفس جوهرُ ، و إذ هي جوهرٌ ، و هي جوهر النوع ، فهي لا جسم ، لأن النوع لا جسم ، بل العامُّ الذي يَعمُّ أشخاصه التي هي أجسام ؛ إذ كانت أشخاص الحي أجساماً .

فإذاً قد تبيَّن أنَّ النفسَ لا جسم ، و هي جوهر ؛ فإذن قد تبين أن من الجوهر أجساماً ، و منها لا أجساماً ،

و أيضاً فإنه إذا كان النوع يعطي أشخاصه اسمَه و حدّه ، فهو في طبيعة شخصه ؛ و شخصه إنْ كان جوهراً، فهو جوهر ؛ وإن كان عرضاً فهو عرض ؛

و الحي المحسوس جوهر ، و أنواعه جواهر ، إذِ النوع يعطي الجوهرَ اسمَه و حدَّه ؛

و النوع إما أنْ يكون جسماً ، و إما أن يكون لا جسماً ؛ فإن كان النوع جسماً ، و الشخص جسم و النوع واحد باضطرار أو كثير ، و الشخص كثير باضطرار ؛ فإنْ كان النوع واحداً يعمّ الكثيرً ، و كان جسماً ؛ فهو في كل واحد من أشخاصه إمَّا بكليَّته و إما بجزئه ؛

و النوع مركبٌ من أشياء مختلفة ، كالإنسان الذي هو مركَّب من حي و ناطق و مائت ؛ و كل واحد من جنسه و فصوله مركَّب أيضاً مما يحدُّه ، أعني مما يجتمع حدُّه منه ؛

فإذنْ هو مختلف الأجزاء التي رُكِّبَ منها ، فإذاً النوع ليس من المشتبهة الأجزاء ، فإن كان النوع في واحد من أشخاصه بكماله ، فكيف يمكن أن يكون في آخر بكماله ؟

و إن كانَ في كل واحد من أشخاصه جزءٌ ، و أشخاصه بلا نهاية بالقوة – فإن أجزاءَه بلا نهاية بالقوة ، فإذاً هو مركَّب مما لا نهاية له بالقوة ؛

و التركيب لا يمكن أن تكون فيه القوة ، لأن التركيب قد خرج إلى الفعل ؛

فإذاً ليس يمكن أن يكون لا نهاية لأجزائه بالقوة ، و أجزاؤه بلا نهاية بالقوة ، و هذا خُلف شنيع ؛ فكل شخص من أشخاصه – إذْ كان فيه جزءٌ غير جزء الآخر – ينفصل من جميع أشخاصه بجزء من أجزاء النوع ، و أشخاصه بلا نهاية بالقوة ،

و قد تقدَّمَ آنفاً أنه محالٌ أن يكون تركيبه من أجزاء بلا نهاية في القوة ؛ فإذاً في كل شخص من أشخاصه جزءٌ غير الجزء الذي في الآخر من نوعه ، و ليس يمكن أن يكون في كل شخص من أشخاصه جزءٌ من أجزاء نوعه

- فهو ممكن لا ممكن – و هذا خلفٌ قبيحٌ جدًّا ؛ فإذن ليس يمكن أن يكون في كل شخص من أشخاصه جزءٌ من نوعه غير الجزء الذي في الآخر ؛

و قد تبيَّن أنه ليس يمكن أن يكون بكلِّه في كل واحد من أشخاصه ، إذْ لا بكلِّه و لا بجزئه يمكن أن يكون في أشخاصه ، و هو جسم ، فإذاً نوع الجوهر لا جسمٌ ، و هو جوهر ، كما قدمنا ؛

فبالاضطرار أن جواهر كثيرةً و لا أجسام ؛ و هذا فيما سألت كافٍ ، كفاك الله جميع المهمات ؛ ووقاك جميع أذى المؤلمات ؛

تمَّت الرسالة ، و الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على النبي محمد و آله و أجمعين .

======

💥💥💥

المؤلف يعقوب بن إسحاق الكندي

  رسائل الكندي الفلسفية

فهّمك الله النافعات ، وأسعدك في دار الحياة ودار الممات.

فهمتُ الذي سألتَ من رسم قول في العقل ، موجز خبري ، على رأي المحمودين من قدماء اليونان ، ومن أحمدهم ارسطوطاليس ومعلمه أفلاطون الحكيم، إذ كان حاصلُ قول أفلاطون في ذلك قول تلميذه أرسطاطاليس (أرسطوطاليس أو أرسطو ) .

فلنقل في ذلك ، على سبيل الخبري، فنقول :

إن رأي أرسطاطاليس في العقل أن العقل على أربعة أنواع : الأول منها العقل الذي بالفعل أبداً . والثاني العقل الذي بالقوة ، وهو النفس. والثالث العقل الذي خرج في النفس من القول إلى الفعل . و الرابع العقل الذي نسميه الثاني .

وهو يمثّل العقل بالحس لقرب الحس من الحيّ ، وعمومه له أجمع ، فانه يقول : أن الصورة صورتان : أما إحدى الصورتين فالهيولانية ، وهي الواقعة تحت الحس . وأما الأخرى فالتي ليست بذات هيولى ، وهي الواقعة تحت العقل ، وهي نوعية الأشياء وما فوقها .

فالصورة التي في الهيولى ، هي التي بالفعل محسوسة ، لأنها لو لم تكن بالفعل محسوسة ، لم تقع تحت الحس . فإذا أفادتها النفس فهي في النفس. وانما تفيدها النفس لأنها في النفس بالقوة ، فإذا باشرتها النفس صارت في النفس بالفعل . وليس تصير في النفس كالشيء في الوعاء ، ولا كالمثال في الجرم ، لأن النفس ليست بجسم ، ولا متجزئة ، فهي في النفس والنفسُ شيء واحد لا غير ... وكذلك أيضاً القوة الحاسَّة ليست هي شيئا غير النفس ، ولا هي في النفس كالعضو في الجسم ، بل هي النفس ،وهي الحاسُّ .

وكذلك الصورة المحسوسة ليست في النفس كغير ... فإذن المحسوس في النفس هو الحاس . فأما الهيولى فإن محسوسها غير النفس الحاسَّة ، فإذن من جهة الهيولى المحسوس ليس هو الحاس . وكذلك يمثل العقل : فإن النفس ، إذا باشرت العقل ، أعني الصور التي لا هيولى لها ولا فنطاسيا اتحدت بالنفس ، أعني أنها كانت موجودة في النفس بالفعل ، وقد كانت قبل ذلك لا موجودة فيها بالفعل ، بل بالقوة . فهذه الصورة التي لا هيولى لها ولا فنطاسيا هي العقل المستفاد للنفس من العقل الأول ، الذي هو نوعية الأشياء التي هي بالفعل أبداً . وإنما صار مفيداً ، والنفسُ مستفيدةً ، لأن النفس بالقوة عاقلة ، و العقل الأول بالفعل . وكلَّ شيء أفاد شيئا ذاته ، فإن المستفيد كان له ذلك الشيء بالقوة ، ولم يكن له بالفعل . وكل ما كان لشيء بالقوة فليس يخرج إلى الفعل بذاته ، لأنه لو كان بذاته كان أبداً بالفعل ، لأن ذاته له أبداً ما كان موجوداً . فإذن كل ما كان بالقوة فإنما يخرج إلى الفعل بآخر ، هو ذلك الشيء بالفعل . فإذن النفس عاقلة بالقوة ، وخارجة بالعقل الأول – إذا باشرته – إلى أن تكون عاقلة بالفعل . فإنها إذا اتحدت الصورة العقلية بها ، لم تكن هي والصورة العقلية متغايرة ، لأنها ليست بمنقسمة فتتغاير . فإذا اتحدت بها الصورة العقلية فهي والعقل شيء واحد ، فهي عاقلة ومعقولة . فإذن العقل والمعقول شيء أحدٌ من جهة النفس .

فأما العقل ، الذي بالفعل أبداً ، المخرجُ النفس إلى أن تصير بالفعل عاقلةً ، بعد أن كانت عاقلةً بالقوة ، فليس هو و معقوله شيئاً أحداً . فإذن المعقول في النفس والعقل الأول ، من جهة العقل الأول ، ليس بشيء واحد . فأما من جهة النفس فالعقل و المعقول شيء أحد . وهذا في العقل هو بالبسيط أشبه بالنفس ، وأقوى منه في المحسوس كثيراً .

فإذن العقل أما علة وأوَّل لجميع المعقولات والعقول الثواني ، وأما ثانٍ وهو بالقوة للنفس ما لم تكن النفس عاقلة بالفعل . والثالث هو الذي بالفعل للنفس ، وقد اقتنته وصار لها موجوداً ، متى شاءت استعملته وأظهرته لوجود غيرها منها ، كالكتابة في الكاتب فهي معدَّة ممكنة قد اقتناها وثبتت في نفسه ، فهو يخرجها ويستعملها متى شاء . وأما الرابع فهو العقل الظاهر من النفس ، متى أخرجته ، فكان موجوداً لغيرها منها بالفعل .

فإذن الفصل بين الثالث والرابع أن الثالث قنيةٌ للنفس ، قد مضى وقت مبتدأ قنيتها ، ولها أن تخرجه متى شاءت ، والرابع أنه اما وقت قنيته أولاً ، وأما وقت ظهوره ثانيا ، متى استعملته النفس . فإذن الثالث هو الذي الذي للنفس قنية قد تقدمت ، ومتى شاءت كان موجوداً فيها ، وأما الرابع فهو الظاهر في النفس متى ظهر بالفعل .

و الحمد لله كثيراً بحسب استحقاقه .

فهذه آراء الحكماء الأولين في العقل . وهذا – كان الله لك مسدِّداً – قدرُ هذا القول فيه ، إذ كان ما طلبتَ القول المرسل الخبري الكافي ، فكن به سعيداً !

============

💥💥

المؤلف يعقوب بن إسحاق الكندي

  رسائل الكندي الفلسفية

نص الرسالةالعلة الأولى: مبدعة ، فاعلة ،متممة الكل ، غير متحركة .العقل : جوهر بسيط مدرك للأشياء بحقائقها .النفس : تمامية جرم الطبيعة ، ذي آلة ، قابل للحياة ، ويقال: هي استكمال أول لجسم طبيعي ، ذي حياة بالقوة......الجرم : ما له ثلاث أبعاد .الإبداع : إظهار الشيء عن ليس .الهيولى : قوة موضوعة لحمل الصورة ، منفعلة .الصورة : الشيء الذي به الشيء هو ما هو .الإختيار : إرادة قد تقدمها روية مع تمييز.الكمية : ما احتمل المساواة و غير المساواة .الكيفية : ما هو شبيه و غير شبيه .الحركة : تبدل حال الذات .الزمان : مدة تعدها الحركة ، غير ثابتة الأجزاء .المكان : نهايات الأجسام . و يقال : هو التقاء أفقي المحيط و المحاط به.التوهم : هو الفنطاسيا ، قوة نفسانية و مدركة للصور الحسية مع غيبة طينتها . ويقال : الفنطاسيا ، و هو التخيل ، و هو حضور صور الأشياء المحسوسة مع غيبة طينتها .الإرادة : قوة يقصد بها الشيء دون الشيء .المحبة : علة اجتماع الأشياء .الإيقاع : فعل فصل زمان الصوت بفواصل متناسبة متشابهة.الاسطقس : منه يكون الشيء ، و إليه يرجع منحلا ، و فيه الكائن بالقوة . وأيضا: هو عنصر الجسم و هو أصغر الأشياء من جملة الجسم .الغريزة : طبيعة حالة في القلب ، أعدت فيه لينال بها الحياة .الوهم : وقوف شيء للنفس بين الإيجاب و السلب ، لا يميل إلى واحد منهما .القوة : ما ليس بظاهر ، و قد يمكن أن يظهر عما هو فيه بالقوة.الأزلي : الذي لم يكن ليس ، و ليس محتاج في قوامه إلى غيره . و الذي لا يحتاج في قوامه إلى غيره فلا علة له ، و ما لا علة له فدائم أبدا .العلل الطبيعية الأربعة : ما منه كان الشيء ، أعني عنصره. و صورة الشيء التي بها هو ما هو. و مبتدأ حركة الشيء التي هي علته . و ما من أجله فعل الفاعل مفعولهالفلك : عنصر و ذو صورة ، فليس بأزلي .المحال : جمع المتناقضين في شيء ما ، في زمان واحد ، و جزء و إضافة واحدة .اليقين : هو سكون الفهم مع ثبات القضية ببرهان .الفلسفة : حدها القدماء بعدة حدود : إما من إشتقاق اسمها ، و هو حب الحكمة ، لأن ((فيلسوف)) مركب من فلا و هو محب ، و من سوفا و هي الحكمة .

و حدوها أيضا من فعلها فقالوا : إن الفلسفة هي التشبه بأفعال الله تعالى ، بقدر طاقة الإنسان (أرادوا أن يكون الإنسان كامل الفضيلة) .و حدوها أيضا من جهة فعلها فقالوا : العناية بالموت . و الموت عندهم موتان: طبيعي و هو ترك النفس استعمال البدن ، و الثاني إماتة الشهوات فهذا هو الموت الذي قصدوا إليه . لأن إماتة الشهوات هي السبيل إلى الفضيلة ، و كذلك قال كثير من أجلة القدماء : اللذة شر.........و حدوها أيضا فقالوا :الفلسفة معرفة الإنسان نفسه . و هذا قول شريف النهاية, بعيد الغور ..... فإنه إذا عرف ذاته ، عرف الجسم بإعراضه ، و العرض الأول ، و الجوهر الذي هو لا جسم . فاذن ، إذا علم ذلك جميعا ، فقد علم الكل. و لهذه العلة سمى الحكماء الإنسان العالم الأصغر.فاما ما يحد به عين الفلسفة فهو أن الفلسفةعلم الأشياء الأبدية الكلية ، إنياتها و مائيتها و عللها ، بقدر طاقة الإنسان .الشك : هو الوقوف على حد الطرفين من الظن ، مع تهمة ذلك الظن .المحبَّة : مطلوب النفس ، و متممة القوة التي هي اجتماع الأشياء . و يقال : هي حال النفس فيما بينها و بين شيء يجذبها إليه .العشق : إفراط المحبة .المعرفة : رأي غير زائل .الحقد : غضب يبقى في النفس على وجه الدهر .الفضائل الإنسانية :

هي الخلق الإنساني المحمود . و هي تنقسم قسمين أولين : أحدهما في النفس ، و الآخر مما يحيط بدن الإنسان من الآثار الكائنة عن النفس .

أما القسم الكائن في النفس فينقسم ثلاثة أقسام : أحدهما الحكمة ، و الآخر النجدة ، و الآخر العفة . و أما الذي يحيط بذي النفس فالآثار الكائنة عن النفس ، و العدل فيما أحاط بذي النفس .

و أما الحكمة فهي فضيلة القوة النطقية ، وعي علم الأشياء الكلية بحقائقها ، و استعمال ما يجب استعماله من الحقائق .

و أما النجدة فهي فضيلة القوة الغلبية ، و هي الاستهانة بالموت في أخذ ما يجب أخذه ، و دفع ما يجب دفعه.

و أما العفة فهي تناول الأشياء التي يجب تناولها لتربية أبدانها و حفظها بعد التمام ، و ائتمار امتثالها ، والإمساك عن تناول غير ذلك .

و كل واحدة من الثلاث سور للفضائل . الفضائل

لها طرفان : أحدهما من جهة الإفراط ، و الآخر من جهة التقصير ، وكل واحد منها خروج عن الإعتدال ، لأن حد الخروج عن الإعتدال مقابل للإعتدال بأشد أنواع المقابلة تباينا - أعني الإيجاب و السلب- فإن الخروج عن الإعتدال رذيلة ، وهو ينقسم قسمين متضادين : أحدهما الإفراط ، و الآخر التقصير ....

للنجدة خروج القوة الغلبية عن الإعتدال ، و هي رذيلة الاعتدال ، و هو ينقسم قسمين متضادين : أحدهما من جهة السرف و هو التهور و الهوج ، و أما الآخر فهو من جهة التقصير ، و هو الجبن .

و أما غير الإعتدال في العفة فهي رذيلة أيضا مضادة للعفة ، و هي تنقسم قسمين : أحدهما من جهة الإفراط ، و هو ينقسم ثلاثة أقسام ، و يعمها الحرص – احدها الحرص على المآكل و المشارب و هو الشره و النهم و ما سمي كذلك ، و منها الحرص على النكاح من حيث سنح...... ، و منها الحرص على القنية و هو الرغبة الذميمة الداعية إلى الحسد و المنافسة ، و ما كان كذلك . و أما الآخر الذي من جهة التقصير فهو الكسل و انواعه .

ففضيلة هذه القوى النفسانية جميعا الإعتدال المشتق من العدل . و كذلك الفضيلة ، في ما يحيط بذي النفس من الآثار الكائنة عن النفس ، هي العدل في تلك الآثار ، أعني في إرادات النفس من غيرها و بغيرها ، و أفعال النفس في هذه المحيطة بذي النفس . فأما الرذيلة في هذه المحيطة بذي النفس فالجور المضاد في العدل فيها .... الإنسانية : هي الحياة و النطق و الموت .الملائكة : الحياة و النطق .البهيمية : الحياة و الموت .

💥

المحتويات  / المقدمة //نص الرسالة

رسالة في مائية ما لا يمكن أن يكون لا نهاية , و ما الذي 

يقال لا نهاية له /المؤلف يعقوب بن إسحاق الكندي

  رسائل الكندي الفلسفية

نص الرسالة

حاطك الله بتوفيقه و بلغك من درك الحق نهاية آمالك ، و زين به كل أعمالك !

فهمت ما سألت من رسم قول يتضح لك به ما الذي لا نهاية له و في أي نوع يقال ذلك ، وما الذي لا يمكن أن يكون لا نهاية له ؛ وقد رسمت من ذلك بحسب ما رأيته لك كافيا بقدر موضعك من النظر، فكن به و بجميع ظاهرات الحق سعيدا – فنقول :

أ) إن كل شيء ينقص منه شيء ، فإن الذي يبقى أقل مما كان قبل أن ينقص منه ؛

ب) و كل شيء نقص منه شيء ، فإنه إذا ما ردَّ إليه ما كان نقص منه ؛ عاد إلى المبلغ الذي كان أولاً ؛

ج) و كل أشياء متناهية ، فإن الذي يكون منها ، إذا جمعت متناهٍ ؛

د) فإذا كان شيئان ، أحدهما أقل من الآخر ، فإن الأقل بعد الأكثر أو بعد بعضه ، وإن عذَّ كله فقد عدَّ بعضه .

فإن فرض جرم لا نهاية له فتوهم شيئا نقص منه شيء ؛ فإن ما بقي منه لا يخلو من أن يكون متناهيا أو لا متناهياً ؛

فإن كان ما بقي منه متناهياً ، فإنه إذا أعيد إليه ما أخذ منه المتناهي كانت جملتها جميعا متناهية ، و جملتها هذه المتناهية هي ما كان أولاًّ مفروضاًّ لا متناهيا ؛ فإذن الذي لا متناهٍ متناهٍ – و هذا خلف لا يمكن .

و إن كان إذا أخذ من الجرم الذي لا متناهٍ ، متناهٍ ما أخذ منه ،[و] كان الذي بقي لا نهاية له ، فهو أقل مما كان قبل أن يؤخذ منه ؛ لأن كل شيء أخذ منه شيء ، فإن الذي يبقى منه أقل مما كان قبل أن يؤخذ منه ؛

فإذن قد صار شيء لا نهاية له أقل من شيء آخر لا نهاية له ، و أقل الشيئين بعد أكثرهما أو بعد بعضه ؛ و إن كان بعده فهو بعد بعضه ، فإذن الذي لا نهاية له [هو] الأكبر ؛

و الأشياء المتساوية هي التي أبعاد [ما بين] نهاياتها المتشابهة متساوية ، فكانت الأبعاد كمية أو رتبة الذي لا نهاية له ؛ فالذي لا نهاية له الأصغر له نهايات ؛ و هذا خلف لا يمكن ؛

فإذن ليس يمكن أن يكون جرم لا نهاية له بتةً ، إذ كان في جميع أقسامه هذه الإحالات و الامتناعات ؛

و ما كان محصورا في المتناهي ، فهو متناه بتناهي حاصره ، فإذن محمولات الجرم التي لا قوام لها إلاَّ به ، المحصورة فيه ، متناهية بتناهي الجرم . و الفعل خارج عن القوة ، إذ هي علته ، و الفعل متناه بتناهي القوة ؛ و الزمان مدة تعدُّها الحركة ، فإن لم يكن حركة لم يكن زمان ؛ و إن لم يكن متحركٌ – الذي هو الجرم – لم يكن حركةٌ ؛ فإن لم يكن جرمٌ ، لم يكن زمانٌ و لا حركة ، وإن كان زمان فحركةٌ ، و إن كان حركة فجرم ؛

فإن لم يكن زمانٌ لم يكن مدةٌ تعدُّها الحركة ، لأنه إن كانت حركة متتالية ، ((فمن...إلى)) موجودٌ ، أعني إنيَّة [ ] إلى مدة ((من...إلى)) .

فإن لم يكن حركة ، فليس موجودا مدةٌ و لا حركة ، و إن لم يكن حركةٌ و لا زمان ، فلا شيء ((من...إلى)) ؛ و إن لم يكن ((من...إلى)) ، فلا مدَّة ؛ و إن لم يكن مدَّةٌ ، فلا جِرْمَ ، لأن الجرم في مدة من ؛ لأنه ، وإن لم يكن ولا الآن ، واحد ، فلا حال البتة و لا وجود لهوية جرمية ؛ فإن لم يكن حركةٌ و لا زمان فلا جرم ، فإذن الجرم و الحركة و الزمان لا يسبق بعضهما بعضاً .

و ليس يمكن أن يكون زمان لا نهاية له في البدو ؛ لأنه إن كان زمانٌ لا نهاية له في البدو لم يتناه إلى زمن مفروض بتَّةً ، لأنه إن أتى من لا نهاية [له] إلى زمن مفروض ، فمن لا نهاية [له] إلى زمن مفروض معدود أجزاء متساوية من الزمان ، فإن كان من لا نهاية في الزمن إلى زمن مفروض معدود ، فمن الزمن المفروض متصاعداً في الأزمنة التي سلفت مساوٍ من لا نهاية إلى الزمن المفروض ، لأن من لا نهاية إلى الزمن المفروض مقبلاً هو الزمن بعينه الذي هو من المفروض إلى ما لا نهاية راجعاً ؛ فإذن المعدود المساوي لمعدود متناهٍ يتناهى ، لأن الأعداد المتساوية هي التي لا يزيد بعضها على بعض و لا وحدانيةً واحدة ؛

فإذن الزمن الذي لا نهاية له متناهٍ – و هذا خلف لا يمكن ، فإذن إنية الزمن متناهية .

وقد أنبأنا أن الزمان و الحركة و الجرم لا يسبق بعضها بعضا في الإنية ؛ فإذن لا الجرم و لا الحركة و لا الزمان أزلية ، بل ذات أزلية في بدو الإنية ؛ فإذن ليس شيء البتة بالفعل لا نهاية له ، فإذن إنما يوجد ((لا نهاية)) في الإمكان ، فلا أقول إنه يمكن أن يكون لكل كمية ضعفُ إمكان دائماً ، فكلما خرج من ذلك شيءٌ إلى الفعل خرج متناهياً ؛ فإن ضِعْفَ الشيء شيئان ، و ضِعْفَ الشيئين أربعة ؛ غير أن الأعداد تخرج متضاعفة أبداً ، فهي ممكن أن تتزيد أبدا ؛ وكل ما مضى فهو من هذا التزيد في الزمان شيء ، فهو متناهي العدد ؛ فلذلك ما نقول إنه ليس شيء لا نهاية له بالفعل ، فأما بالقوة فليس يوجد ((لا نهاية)) في غيرها – أعني بالقوة الإمكان

فقد تبين ما الذي لا نهاية له ، و ما الذي لا يمكن أن يكون لا نهاية له ، وهذا فيما سألت كافٍ ، كفاك الله المهمَّ في دنياك و آخرتك ، و أعانك على درك الحق و الانتفاع بثماره ، و حاطك بتسديده من كل زلل ، و سددك بتوفيقه لأزكى عمل !

تمَّت الرسالة ، و الحمد لله رب العالمين ، و 

الصلاة  على رسوله محمد و آله أجمعين .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

موسوعة الأخلاق والسلوك { 1- الإحسانُ إلى الوالِدَينِ اولا }

موسوعة الأخلاق والسلوك الرئيسة موسوعة الأخلاق والسلوك الأخلاق المحمودة الإحسانُ إلى الغَيرِ خامِسًا: مظاهِرُ وصُوَرُ الإحسانِ  1- الإحسانُ...